فيروس كورونا: مدير مستشفى في تونس ينهار باكيا وعاجزا أمام نفاد الأكسجين

في الوقت الذي تسجل فيه تونس أرقام قياسية للإصابات بفيروس كورونا خلال الأسابيع الماضي، تعاني المستشفيات من نقص في كل المستلزمات ووجد العاملون في الصحة أنفسهم عاجزين أمام حالات المرضى الخطيرة. ويوثق مقطع فيديو الوضع في مدينة ماطر شمال تونس وانتشر على نطاق واسع على شبكات التواصل الاجتماعي منذ 18 تموز/ يوليو. ويظهر الفيديو مدير المستشفى ينفجر بالبكاء عندما كان بانتظار وصول إسطوانات الأكسجين.

صورة شاشة من مقطع فيديو نشر يوم الأحد 18 تموز/ يوليو تظهر الحبيب الوشام مدير المستشفى المحلي بمدينة ماطر شمال تونس ينهار باكيا. صورة من صحفة "ماطر للكل" على فيس بوك.
صورة شاشة من مقطع فيديو نشر يوم الأحد 18 تموز/ يوليو تظهر الحبيب الوشام مدير المستشفى المحلي بمدينة ماطر شمال تونس ينهار باكيا. صورة من صحفة "ماطر للكل" على فيس بوك. © Facebook / Mateur Lelkoul
إعلان

حدث المشهد في بهو مستشفى ماطر المحلي وهي مدينة تقع على بعد خمسة وستين كم شمال العاصمة تونس. ونرى من خلاله مدير المستشفى، (في الدقيقة 3 و38 ثانية) الحبيب الوشام يجري مكالمة هاتفية ثم ينهار باكيا.

مقطع فيديو يظهر مدير مستشفى ماطر الحبيب الوشام وهو يبكي عندما كانت المؤسسة الصحية التي يديرها تواجه نفاد مادة الأكسجين. ونشر المقطع على صفحة "ماطر للكل'' على فيس بوك يوم الأحد 18 تموز/ يوليو.

سفيان بن عيسى الذي يعمل صحافيا هو من صور هذا المشهد. ويعمل لصالح وسيلة الإعلام المحلية "ماطر للكل". ويتابع سفيان عن قرب الوضع في المستشفى منذ عدة أيام.

"في مستشفى ماطر، نسجل ما بين ثلاث إلى أربع وفيات كل يوم"

حدث هذا بعد ظهر ذلك اليوم: تأخرت الشاحنة التي كان من المفترض أن تزودنا بإسطوانات الأكسجين في الوصول. كان من المبرمج أن تتحول العربة إلى وحدة تكثيف مادة الأكسجين في مؤسسة متخصصة تدعى "أير ليكيد" وذلك بدف تعبئة الإسطوانات.

وبسبب حالة الضغط والتعب المتراكم، وفي ظل وجود عائلات المرضى في بهو المستشفى في حالة ذعر، انهار مدير المستشفى باكيا. وفي الأخير، وصلت الشاحنة التي تحمل الأكسجين بعد تأخير ناهز الساعة. أنا نفسي تأثرت بشدة لذلك المشهد وبدأت في البكاء.

مقطع فيديو يظهر وصول شاحنة محملة بالأكسجين إلى مستشفى ماطر. نشرت على صفحة ماطر للكل على فيس بوك يوم الأحد 18 تموز/ يوليو.

" تم إيواء مرضى في خيام وفي درجة حرارة ناهزت الأربعين درجة"

لا يقوى المستشفى على مواجهة التزايد الهائل في حالات الإصابة بفيروس كورونا في ماطر. يتعلق الأمر بالمستشفى الوحيد في المدينة والقرى المجاورة التي يسكنها في المجمل ثمانين ألف قاطن.

وحدة كوفيد 19 في المستشفى تضم نحو أربعين سريرا، ولكن أمام العدد الكبير للمرضى خلال الأسابيع الأخيرة، تم تهيئة خيام في بهو المستشفى لاستقبال عشرة مرضى إضافيين. وتم إيواء المرضى في هذه الخيام في الوقت الذي وصلت فيه درجة الحرارة إلى أربعين درجة. كان الطقس حارقا.

Une tente a été aménagée dans la cour de l'hôpital de Mateur, au nord de la Tunisie, pour accueillir les patients atteints du Covid-19.
Une tente a été aménagée dans la cour de l'hôpital de Mateur, au nord de la Tunisie, pour accueillir les patients atteints du Covid-19. © Soufène Ben Aïssa

خيمة تمت تهيئتها في مستشفى مدينة ماطر في شمال تونس لاستقبال المرضى المصابين بفيروس كورونا. سفيان بن عيسى.

يجب أن نعلم أن المستشفى لا يحتوي على وحدة عناية مركزة، ويتم إرسال المرضى الذين يعانون صعوبات كبيرة في التنفس إلى مستشفيات أخرى في العاصمة تونس أو في بنزرت. وفي غرف العناية المركزة، يتلقى المرضى علاجا لا يمكن لنا تقديمه هنا، حيث يتم تركيب أنبوب لمساعدتهم على التنفس أو يتم وضعهم تحت التنفس الصناعي وهو ما يمكن أن يساهم في إنقاذ حياتهم.

يوم أمس (الاثنين 19 تموز/ يوليو)، تم وضع ستة أشخاص في العناية المركزة في مستشفى بنزرت على بعد نحو ثلاثين كم عن ماطر. في بعض الأحيان، لا يوجد أماكن لاستقبال الأشخاص الذين يعانون من صعوبات في التنفس في المستشفيات. ويموتون بسبب عدم وجود إمكانات لعلاجهم. كل يوم، يموت ما بين ثلاثة إلى أربعة أشخاص مصابين بفيروس كورونا في مستشفى ماطر.

تعاني هذه المؤسسة الصحية من نقص فادح في الكادر الصحي. وفي وحدة كوفيد بالمستشفى، يتوجب على كل ممرضة الاعتناء بعشرة مرضى ولا يوجد أكثر من طبيبين في المكان. وهو ما يمكن أن يفسر لكم حالة الإجهاد التي يعانونها. لقد قمنا بإطلاق دعوات عبر فيس بوك لحث طلبة التمريض والممرضين المتقاعدين على القدوم لتقديم يد العون.

مقطع فيديو يظهر أقارب مرضى يدعون أصحاب محلات الخراطة لتمكينهم من عبوات الأكسجين إضافة إلى دعوة الممرضين المتقاعدين بالتحول إلى المستشفى. ونشر الفيديو يوم الاحد 18 تموز/ يوليو على فيس بوك.

كما قمنا بإطلاق دعوات للتبرع حتى يتمكن المستشفى من توفير التجهيزات على غرار إسطوانات الأكسجين. بعص السكان قاموا بالتبرع بالمال لكن ذلك يبقى غير كاف بالمرة.

سبعة آلاف إصابة بفيروس كورونا كمعدل يومي

وتسجل تونس منذ بضعة أسابيع أرقام قياسية للمصابين بفيروس كورونا، إذ وصل المعدل اليومي للإصابات إلى سبعة آلاف حالة حسب إحصاء أجرته وكالة رويترز للأنباء. وهي أرقام لم تسجلها تونس من إعلان أول حالة بالبلاد في آذار/ مارس 2020. وتمثل متحورة دلتا ما يقرب من نصف هذه الإصابات.

وأمام حجم هذه الأزمة، تمت إقالة وزير الصحة في تونس فوزي مهدي من منصبه في نهاية يوم 20 تموز/ يوليو.

كما تعاني أسرة المستشفيات من امتلاء تام. فمنذ بداية شهر تموز/ يوليو، وصلت نسبة امتلاء أسرة العناية المركزة في القطاع العام إلى 92 بالمائة، حسب تأكيد وزارة الصحة التونسية على صفحتها في فيس بوك. وأمام انهيار القطاع الصحي، أطلقت تونس نداء للمساعدة الدولية. وقررت المغرب يوم 14 تموز/ يوليو إرسال "مساعدة طبية عاجلة" تتعلق بالخصوص بوحدتي عناية مركزة كاملتين بطاقة استيعاب تصل إلى مئة سرير بالإضافة إلى أجهزة تنفس ومكثفات أكسجين كذلك.

وبدورها، أعلنت فرنسا أنها أرسلت إلى تونس مليوني كمامة طبية إضافة إلى 25 جهاز لتكثيف الأكسجين.