إيران: في تحد لبروباغندا النظام، فتيات يرقصن على موسيقى الهيب هوب

يظهر مقطع فيديو نشر في 20 آب/ أغسطس الجاري وتم تداوله على نطاق واسع عبر تطبيقي تلغرام وإنستاغرام شابة في أصفهان التي تقع وسط طهران، ترقص على أنغام الهيب الهوب لأغنية "راب" إيرانية. وهذا النوع من الرقص غير مسموح به للفتيات في إيران.

_{مقطع فيديو نشر على وسائل التواصل الاجتماعي في 20 آب/ أغسطس 2022 وتم تسجيله في مدينة أصفهان وبالتحديد داخل صالة رياضة، من المرجح أنها تستخدم كواجهة لناد غير معلن لتعليم الرقص في إيران.}

ويعد هذا المقطع المصور مجرد مثال جديد يظهر كيف يتحدى عدد كبير من الشباب في إيران القيم التي يروج لها نظام "الجمهورية الإسلامية". ولم تكن النساء والفتيات الظاهرات في الصور ترتدين الحجاب الذي يعد إلزاميا في إيران. بل كن يرتدين ألبسة على النمط الغربي ويرقصن على أنغام موسيقى الشوارع "الراب". وهذا النوع من الموسيقى والرقص ممنوعا في إيران ويظهر فقط في البلاد من خلال مشاهد تم تسجيلها بطريقة سرية.

كما تسببت مقاطع فيديو مشابهة في موجة تنديد واسعة وفضيحة في إيران. ففي شهر حزيران/ يونيو، تم تصوير شباب يرتدون لباسا فضفاضا على النمط الغربي بصدد الاحتفال بيوم "Go Skateboarding Day" الذي يتم فيه الاحتفاء برياضة "سكيت بورد" ما أدى إلى موجة تنديد واسعة من طرف القادة الإسلامويين.

تقرؤون على موقع مراقبون>>> مراهقون من هواة "سكيت بورد" يثيرون ضجة في إيران بسبب تجمع الأولاد والبنات وارتداء لباس غربي

في إيران، تصرف السلطات أكثر من 200 مليون يورو كل عام على التعليم الديني و176 مليون يورو على القنوات التلفزيونية الحكومية و139 مليون يورو على قوات "الباسيج" وهي ميليشيات شبه عسكرية تتبع لجهاز الحرس الثوري الإيراني.

كما يتم إنفاق ملايين أخرى من اليوروهات على أدوات البروباغندا على غرار "أوج"، وهو عبارة عن وسيلة إعلام غير ربحية معروفة بالترويج لأفكار الجمهورية الإسلامية المحافظة من خلال الأفلام التي تنتجها. كما تحجب الدولة الكتب والأفلام والموسيقى والمناهج التربوية.

_{مقطع فيديو لبروباغندا النظام بعنوان "مرحبا بالقائد" تم إطلاقه في شهر آذار/ مارس 2022 لمدح المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي. ويصف المقطع المسجل الأطفال الذين ولدوا في سنوات 2010 وما بعدها بأنهم جنود خامنئي.}

"تجري معظم حياتنا الاجتماعية على وسائل التواصل الاجتماعي"

وتحدث فريق تحرير مراقبون فرانس24 إلى مراهقة إيرانية لمعرفة المزيد حول رؤية أترابه في إيران لجهود الدولة لغرس نمط العيش الإسلاموي عبر آلة البروباغندا وشرطة الأخلاق الشهيرة المعروفة باسم "غشت وإرشاد" التي تعمل على تطبيق المبادئ التقليدية في الشوارع. نازانين (اسم مستعار) هي بنت تبلغ من العمر 15 عاما. وتعيش في قرية في شرق إيران، وتروي قائلة:

لا أشاهد قنوات التلفزيون الحكومي، فكل برامجها مثيرة للملل.

آبائي يشاهدون نشرة الأخبار في بعض الأحيان وأنا لا أشاهدها أصلا، لست مهتمة بها. أشاهد أفلاما ومسلسلات على شبكة الإنترنت التي أقوم بتنزيلها. آخر الأعمال الدرامية التي شاهدتها هي "Money Heist”  و “We Need to Talk About Kevin”.

أجد ضالتي في الأخبار والمواضيع التي تثير اهتمامي في وسائل التواصل الاجتماعي على غرار إنستاغرام والقنوات عبر تطبيق تلغرام. أنا أهتم بأخبار الموضة والموسيقى وأفلام هوليوود ونمط الحياة.

في بعض الأحيان، نجري بعض اللقاءات مع الأصدقاء في بيت أحدنا. ولكن، وبسبب عيشنا في قرية، لا توجد مقاه أو مكتبات عمومية في مكان عيشنا. وهو ما يجعل معظم حياتنا الاجتماعية تجري على وسائل التواصل الاجتماعي. لدي عدة أصدقاء جيدون يعيشون في قرى أخرى قريبة منا. أنا في اتصال بهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي. نقوم بتبادل الرسائل حول آخر مقاطع الفيديو الموسيقية التي شاهدناها ونتحدث أيضا عن الأفلام والموضة والإشاعات من خلال مجموعات الأصدقاء في  واتساب.

أفضل أنواع الموسيقى بالنسبة لي هي موسيقى "الراب" والهيب هوب والأر أند بي وبعض من موسيقى "البوب". وهو ما ينطبق أيضا على كل أصدقائي تقريبا. أنا معجبة في الغالب بفنانين إيرانيين، ولكني أحب مغنين عالميين من أمثال إيمينيم وأديل وهاري ستايلز وزين.

 كما أنني أطالع عدد كبيرا من الكتب. وفي معظم الأحيان، أبحث عن نسخ" بي دي إف" لكتب عبر شبكة الإنترنت. وأقوم إما بشرائها أو بتنزيلها وقراءتها. ومن بين آخر الكتب التي قرأتها مؤخرا كان كتاب "“Girl, Wash Your Face” [فريق التحرير:وهو الذي حقق أكثر مبيعات صحيفة نيويورك تايمز للكاتبة راشيل هوليز] وآخر رواية قرأتها كانت “The Girl You Left Behind” (الفتاة التي تركتها خلفك) [فريق التحرير: للكاتب جوجو مويس، الحائز على عدة جوائز عن روايات وقصص وأحد كاتبي نيويورك تايمز الأكثر مبيعا].

وتم حظر عدة وسائل تواصل اجتماعي في إيران على غرار فيس بوك وتويتر منذ أكثر من عقد. كما قامت السلطات الإيرانية بحظر تطبيق تلغرام في سنة 2018. كما أصبح إنستاغرام - الذي يعتبر أكثر وسائل التواصل الاجتماعي الأكثر شعبية وتطبيق التواصل الاجتماعي الوحيد المسموح بالولوج إليه في إيران- محل تهديد من بعض المسؤولين المحافظين.

وتقول سلطات "الجمهورية الإسلامية" إن وسائل التواصل الاجتماعي، على غرار فيس بوك وتويتر،  تشجع على الإثم وانعدام الأخلاق. وفي شهر شباط/ فبراير 2022، وافقت لجنة في البرلمان الإيراني على مشروع قانون لـ"حماية الفضاء الإلكتروني"، الذي يقول البعض أنه سيؤدي إلى تشديد القيود على النشاط عبر شبكة الإنترنت في إيران، وذلك عبر حظر المزيد من وسائل التواصل الاجتماعي على سبيل المثال.

_{منافسة غناء الراب في أصفهان في تشرين الأول/أكتوبر 2021.}

"المشكل يكمن في أن المدارس وقنوات التلفزيون والكتب  المدرسية والشرطة تحاول فرض نمط الحياة الذي تريده علينا"

وتضيف نازنين قائلة:

كل ما حدثتكم عنه يدور في فقاعة مغلقة وفي غرف الدردشة فيما بيننا أو داخل بيوتنا. ولكن خارج هذه الدائرة، يوجد عالم مختلف في الشوارع والمدارس.

الغالبية العظمى من المدرسين كبيرون في السن ولا يفهمون عالمنا. إنهم يرددون خطابات عن مدى أهمية احترام ارتداء الحجاب وكم يعتبر خطأ الاستماع لذلك المغني أو ذاك من الذين يعجبوننا، وكم هو غير محمود وضع مساحيق التجميل.

لا أحد تقريبا من زملائي في الفصل الدراسي مقتنعون بمثل هذه الأفكار. في بعض الأحيان نقوم بمناقشتها - وغالبا ما يكون ذلك حول سبب عدم منحنا حقوق متساوية مع الرجال في البلاد-  ولكن نادرا ما يحدث ذلك لتفادي حدوث أي مشاكل.

الكتب المدرسية مصدر صداع آخر. حيث تحاول أن تعلمنا مبادئ نحن لا نؤمن بها. ولكن يتوجب علينا تعلمها حتى نتمكن من اجتياز الامتحانات والاختبارات، ولكننا نمضي في حياتنا دون الاقتناع بها.

على سبيل المثال، من بين الأشياء التي تعلمتها هي الدروس الدينية. تقول هذه الفصول إن الرجل والمرأة مختلفان وأن المرأة أكثر حساسية وأن الرجل يملك قدرات بدنية أكبر. وتقول الكتب المدرسية الدينية أن المرأة ليست ملائمة لممارسة بعض الأعمال وتولي بعض الوظائف- وهي أفكار في رأيي غبية.

في الأخير، أحترم أي شخص يملك نمط حياة مختلف أو أفكار مختلفة عن أفكاري. ولدي صديقات يردن ارتداء الحجاب وأنا أحترم خيارهم كما يحترمون أفكاري. المشكل يكمن في أن المدارس وقنوات التلفزيون والكتب  المدرسية والشرطة تحاول فرض نمط الحياة الذي تريده علينا. وهو الأمر الذي لا أقبله أنا وعدد كبير من أصدقائي. إنه طريق يذهب في الاتجاهين: نحترم نمط عيشهم ويجب عليهم القيام بنفس الشيء تجاهنا.