"يفرضون علينا الجوع".... انتفاضة في إيران وسط انفجار أسعار المواد الغذائية الأساسية

متظاهرون في أنديمشك (جنوب غرب إيران) في 12 أيار/ مايو 2022. صورة مراقبون
متظاهرون في أنديمشك (جنوب غرب إيران) في 12 أيار/ مايو 2022. صورة مراقبون © Observers

ينزل مئات المتظاهرين إلى شوارع نحو عشرين مدينة جنوب غرب إيران منذ بداية الأسبوع الماضي للاحتجاج على الارتفاع الهائل لأسعار بعض المواد الغذائية الأساسية والتي زاد ثمن بعضها بمقدار 300 بالمئة بعد أن وضعت السلطات حدا لنظام الدعم. وتعبر مراقبتنا عن خيبة أملها من هذه الضربة الجديدة للقدرة الشرائية وسئمها من النظام الإيراني.

إعلان

في يوم 9 أيار/ مايو، أعلن الرئيس الإيراني المحافظ  إبراهيم رئيسي تغيير نظام الدعم والرفع في أسعار بعض المواد الغذائية الأساسية كزيت الطبخ وذلك بحجة مواجهة المصاعب الاقتصادية التي تمر بها البلاد والمرتبطة في جزء منها بالعقوبات الدولية. ويندرج ارتفاع الأسعار هذا في سياق ارتفاع مهول لأسعار مختلف البضائع في كامل منطقة الشرق الأوسط. وتأتي موجة ارتفاع الأسعار لتزيد الطين بلة في إيران التي تعاني من تضخم مستمر منذ نحو عشر سنوات.

وحسب السلطات الإيرانية، فقد كان نظام دعم المواد الأساسية مفيدا قبل كل شيء للطبقات المرفهة. وفي هذا الإطار، تؤكد السلطات أنها تريد تغطية تأثير نهاية نظام الدعم بتوزيع قصاصات غذائية ومساعدات مالية مباشرة.

ولكن أمام المحال التجارية الغذائية خلال الأيام الأخيرة في محافظة خوزستان بالخصوص والتي تعد من المناطق المهشمة الأكبر في إيران، وقفت طوابير انتظار طويلة لشراء البنزين وزيت الطبخ فيما رصدت مشاهد نهب في المنطقة. حتى أن البعض تشاجروا من أجل الحصول على ما يريدونه مثلما حدث في مدينة كرج في 12 أيار/ مايو 2022.

Vidéo montrant une bagarre éclater pour obtenir de l’huile de cuisson dans un commerce de Karaj le 12 mai.

 مقطع فيديو يظهر مشاجرة للحصول على زيت الطبخ في محل تجاري بمدينة كرج في 12 أيار/ مايو 2022.

منذ يوم 8 أيار/ مايو، انقطعت شبكة الإنترنت في محافظة خوزستان حيث بدأت تجمعات بالتشكل في 11 أيار/ مايو. ورغم انقطاع الشبكة الإلكترونية، فقد وجدت بعض المقاطع المصورة التي تظهر آلافا من الأشخاص بصدد التظاهر في مدن تظهر آلافا من الأشخاص بصدد التظاهر في مدن إيزه وديزفول وأنديمشك وشهر- إي كورد. وذكر ناشطون محليون أن المتظاهرون تعرضوا لقمع عنيف ما أدى إلى سقوط عدد من الجرحى وقتيل بعد أن استخدمت قوات الأمن أعيرة نارية ضد الحشود في 12 أيار/ مايو بمدينة أنديمشك. ولم تنشر السلطات إلى حد الآن أي حصيلة عن المواجهات.

وخلال سنة 2019، قتل ما لا يقل عن 1500 شخص خلال موجة احتجاج واسعة سابقة اندلعت بعد ارتفاع أسعار المحروقات.

Des manifestations à Andimeshk (sud-ouest) le 12 mai. On peut entendre les manifestants chanter “Mort à Khamenei”, le Guide Suprême de la République islamique d’Iran.
Des manifestations à Andimeshk (sud-ouest) le 12 mai. On peut entendre les manifestants chanter “Mort à Khamenei”, le Guide Suprême de la République islamique d’Iran. © Observers

متظاهرون في مدينة أنديمشك (جنوب غرب إيران) في 12 أيار/ مايو. ويمكن أن نستمع إلى المتظاهرين وهم يصرخون (الموت لخامنئي) المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران. صورة مراقبون.

"أفضل الموت السريع في المظاهرات على العذاب الذي نعيشه في الوقت الحاضر"

علام (اسم مستعار) هو شاب إبراني يعيش في مدينة بمحافظة خوزسنتان حيث اندلعت المظاهرات يقول:

تم قطع الإنترنت لكن المدينة ليست كبيرة جدا، وهو ما جعل الناس يتجمعون بسهولة في الشارع الرئيسي. تنقلت إلى مكان التجمع مع إخوتي وأبناء عمي. كان عدد المتظاهرين بضعة آلاف حسب تقديري. من صغار وكبار وشباب ورجال وكثير من النساء. لقد أطلقنا أهازيج وشعارات ضد النظام مثل "يجب أن يرحل نظام الملالي" "مرشدنا الغبي هو عار علينا" و"الموت لخامنئي" وشعارات أخرى أيضا. وسنواصل تحركنا إلى آخر رمق. سمعت أن هناك أناس أصيبوا في مدينتنا. يوجد الكثير من قوات الأمن وفصائل البسيدجي [فريق التحرير: مليشيا تعد ذراعا مسلحا للحرس الثوري الإيراني].

 

Manifestations à Dezful (sud-ouest) le 11 mai. Des manifestants entonnent des chants contre le Guide suprême Ali Khamenei, et le président Ebrahim Raïssi.

مظاهرات في مدينة ديزفول (جنوب غرب إيران) في 11 أيار/ مايو. وصاح المحتجون بشعارات ضد المرشد الأعلى علي خامئني والرئيس إبراهيم رئيسي.

كل هذه الشعارات كانت ضد خامئني لأنه المسؤول عن الوضع الحالي. سياسته طيلة ثلاثين عاما أدت إلى هذا الوضع: عمليات تخصيب غير مفيدة لليورانيوم والتدخل في شؤون دول أخرى والعداء غير المجدي لإسرائيل والقائمة طويلة.

 

Video tournée dans les environs de Andimesk (sud-ouest) dans laquelle on entend des coups de feu.

مقطع فيديو التقط في ضواحي مدينة أنديمشك (جنوب غرب إيران) نسمع من خلاله صوت إطلاق نار.

نحن في حالة غضب ومتعبون أيضا ولا أهتم لما سيحدث لي حيث أنه لن يكون أسوأ مما نعيشه في الوقت الراهن.ببساطة أريد أن يرحل نظام الملالي.

أنا وشقيقي وأبناء عمي كلنا حاصلون على دبلومات جامعية ولكن جميعنا في حالة بطالة. نن مضطرون للعيش في بيوت عائلاتنا والذين لم يعد بمقدورهم الإيفاء بمتطلبات البيت الشهرية. ولا يتعلق الأمر بعائلاتنا فقط، أعتقد أن نصف سكان المدينة يعيشون في نفس ظروفنا. في أحسن الحالات، سنعثر على عمل موسمي هنا ولكن من المستحيل توفير الحد الأدنى لمتطلبات العيش ولا أتحدث عن السفر أو حتى مجرد الذهاب إلى مطعم.

Des forces de sécurité tirent des gaz lacrymogènes pour disperser une manifestation le 12 mai à Izeh (sud-ouest).

قوات أمن بصدد إطلاق عبوات المسيل للدموع لتفريق مظاهرة في 12 أيار/ مايو في مدينة إيزيه ( جنوب غرب إيران).

مدينتنا ليست كبيرة جدا وفي الواقع لم نعرف أي مشاكل سرقة أو نهب. ولكن منذ بضعة أعوام، نسمع شيئا فشيئا المزيد من حالات سرقة الهواتف أو نهب البيوت...

لم نتمكن من شراء لحوم منذ نحو 3 أشهر [فريق التحرير: يبلغ سعر اللحم الأحمر في إيران نحو 6 يورو] بسبب ثمنه المرتفع. أمام لحوم الدجاج [فريق التحرير: يعادل سعره في إيران نحو 2 يورو] فإن سعره يبقى في المتناول عموما. منذ بضعة أسابيع، تمكنا من شراء كمية من لحم الدجاج.

 

"الخبز والمعجنات والبيض،انفجرت أسعار كل هذه المنتجات، ما الذي تبقى لنا لنأكله؟"

وهنا نحن الآن نعيش انفجارا لأسعار المنتجات الغذائية الأساسية من خبز ومعجنات وبيض، ما الذي تبقى لنا لنأكله؟ منذ نحو أسبوع، دفعنا 12 ألف تومان [0.4 يور] لشراء نصف كيلو غرام من المعجنات أما اليوم فقد بلغ سعرها 28 ألف تومان [0.93 يور] كما ارتفع سعر الزيت من 120 ألف تومان [4 يورو] إلى 400 ألف تومان [13.3 يور] لقارورة 4 لترات. وفي حال عثرت عليه في المتاجر، فإن الخبز أصبح يكلف ضعف ثمنه عما سبق. لقد كانت هذه المنتجات المكون الرئيسي لغذائنا. لا تتجاوز عائدات عائلتنا الشهرية نحو 6 مليون تومان [ 200 يورو] لأربعة أشخاص. ومع ذلك يجب علينا دفع الفواتير وتكاليف الصحة وغيرها [ فريق التحرير: الحد الأدنى للأجور في إيران هو في حدود 5.7 مليون تومان أي ما يعادل 189 يورو]

بصراحة، نحن نفكر في الاكفتاء بوجبة واحدة في اليوم حتى نتمكن من مواصلة العيش. إنها يفرضون علينا الجوع، كل ذلك بسبب معارضتهم الغبية للولايات المتحدة في حين أنهم كبل فاسدون ويعيشون حياة ترف في مساكن فاخرة في كندا أو تركيا.

بلدنا ثري ونحن نملك بحرا من النفط والغاز ولكن هؤلاء المجرمين يسرقون كل شيء ويصرفون الأموال في سوريا ولبنان أو اليمن [فريق التحرير: من خلال دعم الحركات المسلحة في هذه الدول]. هذه الوضع لم يعد يطاق. آمل أن يلتحق سكان المدن الأخرى باحتجاجاتنا على غرار ما حدث في سنة 2019، حتى تتم الانتفاضة العامة الجديدة. ولكن يجب علينا أن نواصل تحركنا إلى غاية الأخير هذه المرة. أعلم أنها سيقتلون الكثير منا ولكنه موت سريع على الأقل. أفضل ذلك على التعذيب البطيء والمؤلم الذي يفرض علينا الآن.

ويعيش نصف الإيرانيين تحت خط الفبر ونحو ثلثهم في فقر مدقع. في المجمل، لا يتمكن إيراني من أصل ثلاثة من الحصول على حاجياته الإنسانية الأساسية فيما يتعلق بالحصول على الغذاء والماء الصالح للشراب وظروف صحية وإقامة سكنية لائقة  بالإضافة إلى التعليم والإعلام.