اليمن: تهميش مملكة سبأ الأسطورية يعرضها للنهب والتخريب
نشرت في: آخر تحديث:
أدت الحرب الدائرة في اليمن منذ سنة 2014 إلى دمار كبير في المخزون الأثري في هذا البلد الذي يعد مهدا لعدد كبير من الحضارات القديمة، إذ تم تدمير مواقع أثرية ونهب عدة معالم. ونخص بالذكر معبد أوام في منطقة مأرب، وهو أحد أهم معالم مملكة سبأ القديمة، الذي تعرض للإهمال وأصبح عرضة للمخربين.
في ظل تعرضها للتخريب الجزئي أو الكلي، يعتبر عدد كبير من المعالم الأثرية في اليمن من الضحايا الجانبيين للصراع الدائر بين الحوثيين والحكومة اليمنية المعترف بها. إذ أحصت دراسة نشرت في سنة 2017 من قبل جمعية لأساتذة جامعيين في فرنسا، حوالي خمسين موقعا تاريخيا تعرضوا لأضرار خصوصا بسبب الضربات الجوية للتحالف العسكري الذي تقوده المملكة العربية السعودية ضد الحوثيين على غرار مدينة صنعاء التي تعرضت مدينتها القديمة التي تصنفها منظمة اليونسكو ضمن التراث العالمي، وبقايا المدينة القديمة في سروة إضافة إلى عدد من المتاحف والمساجد القديمة.
ولم يتعرض معبد أوام الذي يقع بالقرب من مدينة مأرب وعلى بعد مئة وعشرين كيلومترا من مدينة صنعاء، للضرر بسبب المعارك. ولكن في ظل تركه دون حراسة في ظل تواصل النزاع، تعرض المعبد للنهب والتخريب. أطلق صالح م إسماعيل، هو مدير مؤسسة شاب شغوف بالآثار ويعيش في منطقة مأرب حملة على وسائل التواصل الاجتماعي يطلب خلالها من الشباب بالأساس تنظيف هذا المعلم والاعتناء به.
"كثيرا ما ينظم مخربون عمليات حفر وحشية"
يعود تاريخ تشييد معبد أوام الذي يطلق عليه أيضا اسم "محرم بلقيس" إلى ثلاثة آلاف سنة خلت. وخصص هذا المعبد لـ"المقه" وهو إله القمر الذي يعد إله مملكة سبأ القديمة. وقد قام باحثون أمريكيون بعمليات حفر في هذا الموقع منذ سنة 1951. وتم استخراج ما يقارب 300 منحوتة صخرية لرسومات بلغة مملكة سبأ (لغة اليمن القديمة) ومن ثم دراستها. هذه الصخور لها أهمية كبيرة لأنها تؤرخ للحروب والاتفاقات التجارية واتفاقات السلام والعلاقات الخارجية لمملكة سبأ مع بقية الممالك.
ولكن اليوم، ها هي هذه المنحوتات الصخرية القديمة التي نقشت قبل ثلاثة آلاف عام مرمية على الأرض جنبا إلى جنبا مع القوارير البلاستيكية. كما شوه أشخاص الأساسات بكتابة أشياء عليها باستخدام الأقلام، نجد أشياء مدمرة مبعثرة في كل مكان، إنها كارثة.
يفتقر معبد أوام لأبسط حماية مثل وجود لوحات إرشادية وكادر يشرف على إدارته. كما يفتقر المعبد لحاميات زجاجية على الألواح المسندية والجدران, ويفتقد إلى الحواجز التي تحول دون تعرض آثار المعبد للمس عداك عن العبث.#انقذوا_معبد_اوام@Marib_gov pic.twitter.com/bc8q4RXNmY
— Salah M. Ishmael 𐩮 (@Salahish) June 2, 2021
ولم يحظ الموقع بالحراسة، فعلى سبيل المثال لم يتم حماية الصخور بلوحات من مادة "بلكسي غلاس" كما لم تتم إقامة حواجز لمنع الأشخاص من لمس المعالم الأثرية. كثيرا ما ينظم مخربون عمليات حفر عشوائية وذلك بسبب عدم وجود حراس أو كاميرات مراقبة.
جزء من العبث الذي يتعرض له #معبد_اوام؛ #محرم_بلقيس.
— Salah M. Ishmael 𐩮 (@Salahish) June 2, 2021
كما يقول صاحب الصورة, المصور عبدالله البدوي, أن الحفر العشوائي على هذا الجدار التاريخي كان لغرض إخراج شفرات برونزية مزروعة في الجدران..
ربما أعتقدوا أنها ذهبية.#انقذوا_معبد_اوام pic.twitter.com/LZndVYm0XMفي ظل هذا الوضع، قررت إطلاق حملة عبر حسابي على توتير لدعوة الشباب بالخصوص والأساتذة الجامعيين والناشطين في الجمعيات إلى المساهمة في حملة التوعية والتنظيف وأيضا للضغط على السلطات خصوصا الهيئة العامة للآثار والمتاحف في اليمن (جي أو أي أم) لكي تتحرك.
يقف طفل بسن 12 عام تقريبا كحارس وبواب لمعبد عمره أكثر من 3 ألف عام. المعبد الأشهر والأقدم في اليمن والجزيرة العربية, أوام أو ما يطلق عليه "محرم بلقيس".
— Salah M. Ishmael 𐩮 (@Salahish) June 2, 2021
صبي وبوابة وسياج متهالكان, كل ما يلوذ عن أهم المواقع التاريخية اليمنية.#انقذوا_معبد_اوام pic.twitter.com/EIa1Ufv5uoانقذوا ما يمكن انقاذه من معبد أوام. إذا تهاونت السلطات المحلية والحكومة. فأين المبادرات الشبابية أين طلاب الجامعات تقدروا تعملوا توعية وحملة نظافة وتنسقوا مع مكتب الآثار لعمل ما يمكن عمله لحماية المعبد الأكبر في اليمن. #انقذوا_معبد_اوام pic.twitter.com/FjVTg3jUJc
— Salah M. Ishmael 𐩮 (@Salahish) June 3, 2021كما قمت مؤخرا بتأسيس مجموعة على فيس بوك مع عدد من الأصدقاء من أجل إحصاء كل المواقع الأثرية في اليمن التي أصبحت مهددة وذلك بسبب وجود مواقع أثرية في حالة أسوأ مما هو عليه الحال في معبد أوام بدون أن تثير قلق أي أحد.
على سبيل المثال، هناك مدينة يثل، المدينة الرئيسية في مملكة معين القديمة التي تم تشييدها هي الأخرى قبل ثلاثة آلاف عام والتي تعرضت جدرانها للتدمير في غارة جوية للتحالف بقيادة السعودية.
وحاول فريق تحرير مراقبون فرانس24 الاتصال بالهيئة العامة للآثار والمتاحف في اليمن لأخذ فكرة عن الإجراءات التي تم اتخاذها لحماية المواقع الأثرية. وسنقوم بنشر ردها في حال وروده إلينا.
وتدور الحرب التي تهز اليمن منذ سنة 2014 بين شيعة من حركة الحوثي وحكومة عبد ربه منصور هادي المعترف بها من قبل المجتمع الدولي والتي تحظى بدعم التحالف العسكري الذي تقوده العربية السعودية. وأودت الحرب بحياة أكثر من 233 ألف شخص بالإضافة إلى أكثر من مليون نازح.