إسرائيل: الصراع في مدينة اللد المختلطة يحيي مخاوف من "ترحيل هادئ" للفلسطينيين
نشرت في: آخر تحديث:
منذ بداية الغارات الجوية على قطاع غزة في 10 أيار/ مايو، يتظاهر عدد كبير من الفلسطينيين في مدن يافا وعكا والرملة واللد وحيفا حيث يعيش العرب جنبا لجنب مع اليهود، ما أدى إلى حدوث مواجهات عنيفة مع اليهود المتطرفين. وعرفت مدينة اللد بالخصوص موجة عنف غير مسبوقة عصفت بمبدأ التعايش بين الطائفتين. ويكشف هذا العنف أيضا تراكم الغبن ضد الدولة العبرية التي تواجه اتهامات بالعمل على إزاحة العرب شيئا فشيئا من المدينة وذلك لصالح "المستوطنين اليهود".
تعرض متظاهرون عرب في مدينة اللد التي تقع على مقربة من تل أبيب ويسكنها ثمانون ألف نسمة بينهم الثلث من فلسطينيي الداخل، إلى اعتداءات على يد يهود قوميين كما تم إحراق كنائس يهودية ونهب محال تجارية. وفي يوم 11 أيار/مايو، قتل متظاهر فلسطيني رميا بالرصاص. وفي 12 أيار/ مايو، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي فرض حالة الطوارئ. وفي 17 أيار/ مايو، توفي يهودي متأثرا بإصابته بقطعة آجر ألقيت على رأسه.
فيديو | مستوطنون مسلحون يتجمعون في اللّد استعدادًا لمهاجمة الفلسطينيين#فلسطين pic.twitter.com/imaifdbtLF
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) May 13, 2021
مقطع فيديو يظهر مجموعة من اليهود المتطرفين في مدينة اللد. ويحمل أحدهم بندقية نارية تتدلى من ذراعه.
فيديو| مواجــــهات بين شبان فلسطينيين وشرطة الاحتلال في مدينة اللد.#فلسطين pic.twitter.com/4A8RKh8OpB
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) May 12, 2021
مقطع مصور يظهر مواجهات بين فلسطينيين وقوات الأمن في مدينة اللد.
"نحن نعتبر هؤلاء الناس بمثابة مستوطنين"
خالد زبارقة هو محام فلسطيني ومن مواليد مدينة اللد.
ليس لدينا أي مشكل مع اليهود الذين ليسوا قوميين متشددين. نحن نعيش جنبا إلى جنب في وئام كبير منذ عشرات السنين.
بالرغم من ذلك، يوجد احتقان في المدينة منذ عشرات السنين وذلك بسبب وصول "مستوطنين" جدد ينحدرون من جماعة دينية قومية متشددة يطلق عليها اسم 'النواة التوراتية"("غارين توراني"، بالعبرية ). ولقد جاؤوا إلى المدينة في سنة 2005 على إثر قرار رئيس الوزراء السابق أرييل شارون ترحيلهم من قطاع غزة ومن المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية حيث كانوا يعيشون [فريق التحرير: في سنة 2005، قدر عددهم في مدينة بـ1200 عائلة].
ومع دعم الدولة العبرية والسلطات المحلية، قاموا بتشييد مئات من المساكن الجديدة وسط الأحيان العربية بالإضافة إلى تشييد مدارس حنى بنوا أكاديمية تمهيدية عسكرية.
وداخل الجالية العربية، نحن نعتبر هؤلاء الناس بمثابة مستوطنين جاؤوا من أجل تهويد المدينة أي تغيير طابعها الديمغرافي وجعل عدد اليهود يتزايد شيئا فشيئا وتناقص أعداد العرب في المقابل.
وكان يائير رفيفو قد صرح مرات عدة أن الثقافة عنيفة في جذورها. وفي سنة 2015، صرح لصحيفة ماكور ريشون أن وصول اليهود "أنقذ" مدينة اللد لأنها كانت مهددة بأن تتحول إلى مدينة عربية.
وكان يائير رفيفو قد صرح مرات عدة أن الثقافة عنيفة في جذورها. وفي سنة 2015، صرح لصحيفة ماكور ريشون أن وصول اليود "أنقذ" مدينة اللد لأنها كانت مهددة بأن تتحول إلى مدينة عربية.
ومنذ بداية الاحتقان في الآونة الأخيرة، ومع اندلاع مواجهات بين متطرفين يهود وفلسطينيين، زادت حالة الغبن ضد أفراد جماعة "النواة التوراتية". ويرد خالد زبارقة قائلا:
منذ حوالي عشرة أيام، أي في أوج تصاعد الاحتقان، قامت هذه المجموعات بجولات في الأحياء العربية بمدينة اللد وفي بعض الأحيان كانوا مسلحين. وهو ما نعتبره بمثابة استفزاز. وفي يوم الأحد الفارط (16 أيار/ مايو)، جاؤوا إلى المسجد الكبير في مدينة اللد. وهذا ما جعلني أستشيط غضبا، طلبت منهم الرحيل من المكان. وبما أن الحادث تم تصويره، تم تداول المشهد على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي.
المحامي خالد زبارقة من اللد يطرد المستوطنين من ساحة المسجد الكبير في اللد pic.twitter.com/JZNFzvYELF
— عامر يحيى عامر الحچيمي (@aameralaamer1) May 18, 2021
قطع مصور يظهر مشادة كلامية بين المحامي خالد زبارقة ومجموعة من أفراد جماعة "النواة التوراتية" الذين جاؤوا لتنظيم تجمع أمام المسجد الكبير في مدينة اللد.
ودافع أفراد جماعة النواة التوراتية، الذين يقدمون أنفسهم على أنهم "مجموعة صهيونية مثالية"، عن أنفسهم بالقول إنهم لا يملكون أي نية لـ"تهويد المدينة" مؤكدين أن الغاية الوحيدة من وجودهم هي المساهمة في تنميتها. بالرغم من ذلك، وحسب الصحافة الإسرائيلية، فإنهم مورطون في اعتداءات عنيفة ضد الفلسطينيين خلال المظاهرات الأخيرة. ورغم اتصال فريق تحرير مراقبون بها، لم ترد جماعة غارين توراني على أسئلتنا.
إضراب عام للفلسطينيين في اللد
وفي مدينة اللد مثلها مثل باقي المدن المختلطة، شارك عرب إسرائيل بشكل مكثف في الإضراب العام الذي نظم يوم 18 أيار/ مايو وذلك دعما لمتساكني حي الشيخ جراح في القدس الشرقي، والذين تم تهديدهم بالطرد من بيوتهم لصالح يهود متدينين. وقد كان قمع مظاهرات متساكني هذا الحي السبب المباشر في توتر الأجواء وأدى في النهاية إلى تصاعد العنف بين إسرائيل وحركة حماس منذ يوم 10 أيار/ مايو.
ويوضح خالد زبارقة قائلا:
شارك فلسطينيو الداخل بشكل مكثف في الإضراب العام، نحن نعاني من نفس سياسة الاحتلال والترحيل التي يعاني منها السكان الفلسطينيون في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية. الفرق الوحيد هو أن الدولة العبرية حاولت طرد متساكني تلك البيوت بطريقة عنيفة، أما فيما يتعلق بنا، فإنهم يحاولون دفعنا لمغادرة المدينة بطريقة أكثر ليونة، إنها عملية طرد غير معلنة.
اللد اليوم في صباح أول يوم اضراب ❤️❤️ pic.twitter.com/Egi11ZAcD5
— Lamees 🇵🇸 (@lameessm) May 18, 2021
قطع فيديو يظهر محلات تجارية في أحياء فلسطينية وهي مغلقة يوم الثلاثاء 18 أيار/ مايو.
وبعد وصولهم إلى مدينة اللد، تمكن متدينو جماعة غارين توراني من الحصول على قطع أرض في أحياء يقطنها غالبية من الفلسطينيين وذلك بهدف بناء مساكن جديدة فوقها على غرار ما حدث في حي رامات إلياشيف وحي أهوزات نوف نوريا. وهذا خلق شعورا بغياب العدل، خصوصا وأن السلطات الإسرائيلية نفذت خلال الأعوام الأخيرة عددا كبيرا من عمليات هدف المباني التي كانت على ملك فلسطينيين بتعلة عدم حصول أصحابها على رخص بناء.
وفي الفترة الأخيرة، في 24 شباط/ فبراير تحديدا، جمدت المحكمة العليا الإسرائيلية قرارا قضائيا ينص على طرد عشرات العائلات الفلسطينية من منازلهم في مدينة اللد. ويعيش عدد كبير من هذه العائلات في بيوت كانت على ملك عائلات فلسطينية أجبرت على إخلائها في سنة 1948 عند قيام دولة إسرائيل.
وقد صادرت الدولة العبرية المنازل التي هجرها الفلسطينيون في سنة 1948، بعد أن تم ترحيلهم إلى قطاع غزة والضفة الغربية أو إلى الدول العربية المجاورة. وتشرف شركة عميدار العمومية على تأجير هذه البيوت بشكل عام لفائدة فلسطينيين بقوا هنا بعد عام 1948 والذين أصبحوا مواطنين إسرائيليين. ولكن في المقابل، تتعرض عائلات فلسطينية بشكل مستمر للطرد من هذه البيوت بسبب عدم احترام بنود عقد التأجير التي تنص بالخصوص على منع المؤجر من القيام بأشغال داخلها.
سامي عبد الحميد هو صحفي فلسطيني يعيش في مدينة يافا. ويقدم توضيحا لهذه الإشكالية التي تشمل كل المدن المختلطة في إسرائيل:
منذ نهاية نيسان/ أبريل، كانت هناك مظاهرات شابتها مواجهات عنيفة في مدينة يافا وذلك لأن السلطات الإسرائيلية قررت طرد عشرات العائلات الفلسطينية من حي العجمي وذلك لصالح مستثمرين يهود. ويتعلق الأمر بحلقة جديدة من عمليات طرد العائلات العربية. العائلات الفلسطينية تسمي هذه الممارسات بالنكبة الصامتة [فريق التحرير: مصطلح النكبة يستخدم للإشارة لعمليات الترحيل القسري التعرض لها الفلسطينيون في سنة 1948]
“Jaffa is not for sale,” “Amidar = silent Nakba” - protests over the proposed sales of absentee property in Jaffa, which would mean the evictions of current tenants pic.twitter.com/ABI5ho8OLk
— Jonathan Shamir (@jonathan_shamir) April 24, 2021
مظاهرات في مدينة يافا المختلفة ضد طرد العائلات الفلسطينية من بيوتها.
ويمكن الشعور بتصاعد العنف في أحياء مختلطة في القدس أيضا. ففي يوم الأحد 17 أيار/ مايو، قام يهودي متطرف بإطلاق النار على متساكنين في حي الشوفات الفلسطيني. وأصابت إحدى هذه الرصاصات شابا فلسطينيا وهو يعاني من كسور كثيرة.
ومنذ يوم 10 أيار/ مايو، قتل ما لا يقل عن 219 شخصا بينهم 63 طفلا في غارات إسرائيلية على قطاع غزة، حسب أرقام وزارة الصحة المحلية. وفي إسرائيل، أدى إطلاق صواريخ من قطاع غزة إلى مقتل 12 شخصا حسب الشرطة الإسرائيلية.